الديمقراطية فُقدت أو فازت!




الديمقراطية فُقدت أو فازت!
 




مقال باللغة الانجليزية للفنانة/ لبنى عبد العزيز نشر في الأهرام كويكلي 22/فبراير/2013



ترجمة / رشا أرنست

    ليس هناك ما هو أصلي بعد الآن، ولا حتى الثورات. مثل القصص والكتب والأفكار أو المثل العليا، أنها تكرر نفسها، وغالبا مع نتائج مشابهة. ثورتنا ليست بعيدة عن الآخرين في أمريكا الجنوبية، جنوب أفريقيا، أوروبا، آسيا والشرق الأوسط. ارتفاع التمرد، سيطرة الانتهازيين، توالي الارتباك أدى إلى الفاشية أو الشمولية، والتي ولدت متمردين جدد وحركات تمرد.

    التاريخ حافل بالأمثلة من الدول التي حاولت التخلص من نير الدكتاتورية، المستوردة أو المحلية في الشرق الأوسط. دائما، النتيجة هي اضطرابات وقلاقل. تسود هذه الدول لسنوات، قبل أن تستقر لنوع من الديمقراطية فيه.
    هي كلمة نسمعها باستمرار، ومع ذلك فهي بعيدة كل البعد عن أي وقت في تاريخنا. هذه الكلمة هي "الديمقراطية"... حكم الشعب. هذا القلم وما يشبهه، ليس النموذج الأصلي للكتابة عن هاجس الديمقراطية لعقود من الزمن. وإلى الآن، نكتب عنها ما يجب علينا، بإصرار وتكرار مرة بعد مرة كما فعل الآخرين قبلنا.
    العديد ناضلوا وماتوا من أجل الديمقراطية، لأن الديمقراطية تستحق ذلك. ومع ذلك قليلاً، لنعرف بالضبط ما هو الديمقراطية الحقيقية. هل هي وسيلة للحياة؟ هل هي الهدف أو غرض ما؟ هل هي فكرة أو مثالية؟ أم أنها مجرد شكل من أشكال الحكم؟ هي كل هؤلاء، لذلك هي معقدة وغامضة. الديمقراطية النقية لا وجود لها. حتى أعظم الديمقراطيات اقل من النموذج المثالي. فالمستوى الأعلى منها يظل هدفا، من السهل أن تحلم به، من الصعب تطبيقه.
    في كثير من الأحيان تكون مطرزة مع خطاب المساواة، ولكن بسبب قدرة الإنسان على الشر، يكون الخطاب الواقعي أكثر مناعة.
وفقا لدرجة الفهم تختلف الديمقراطية من دولة إلى أخرى. فمن العناصر الرئيسية غالبا يكون إهمال المفهوم من جانب المواطنين. الذين لا يعرفون حقوقهم وواجباتهم والتزاماتهم؟ كما يجب على السياسيين بنفس القدر أن يدركوا الحدود والقيود المفروضة على سلطاتهم. يجب أن يكونوا مدركين لإرادة الشعب، قضاياهم واحتياجاتهم، والامتثال لمطالبهم، على الأقل حتى الانتخابات التالية.
    واحدة من الركائز الأساسية للديمقراطية الحقيقية هي الانتخابات الحرة. وبينما الانتخابات تطالب بالحرية، فجميع الانتخابات ليست كذلك! بغض النظر عن الإشراف الدولي، الذي يثير الضحك، أو زيارة قصيرة لرئيس الولايات المتحدة السابق، زيارة حمقاء، غارقة في الانتخابات المزورة. الفرق يكون في الدرجة. فالحكومات سواء أكثر أو أقل ديمقراطية، لا مفر من التزوير. الحشود تملأ عشرات من الحافلات، جيوب ممتلئة وبطون منتفخة، صعب أن يكونوا أحرار بكل المقاييس. تحدث هذه الممارسات في كل مكان من الولايات المتحدة إلى تمبكتو، والإنسان المثالي لا يمكنه إنكارها. الرجل القدير والمتميز يكون نادر جدا ونبيل جدا، فهو مثابر في نضاله لإنشاء دولة ديمقراطية مثالية.
    حاول المصريون أن يؤسسوا ديمقراطية حقيقية، ولكن انتهى الأمر مع حكومة استبدادية، وغير مرغوب فيها لا تحظى بشعبية. الديمقراطية هي مكتسب الإنسان. إنسان يتجنب السيطرة على كل جانب من جوانب حياته. فهو عازم على تحويل هذا "نوع من الخيال" المفهوم إلى واقع، ووضعه بشكل صريح، فليس لديه مكان آخر يذهب إليه.
    بدولة بريطانيا، ونستون تشرشل عرف الديمقراطية على النحو التالي: "لا أحد يدّعي أن الديمقراطية هي الكمال أو كل الحكمة. في الواقع قيل أن الديمقراطية هي أسوأ أشكال الحكم، باستثناء كل تلك التي تم تجريبها من وقت لآخر. هذه الأشكال هي الملكية، حكم الأقلية، الاستبداد، الأرستقراطية، ناهيك عن كل من المذاهب كما في الفاشية والشمولية، الشيوعية...الخ. وهناك أيضاً من قال أن "الديمقراطية ببساطة تعني ضرب الشعب عن طريق الشعب من أجل الشعب"، ولكن بعد ذلك ماذا تتوقعون من أوسكار وايلد! الكمال كما هو، هذا أفضل من البدائل.
    ومن الناحية المثالية، ينبغي أن تكون الديمقراطية علاقة رومانسية بين الحاكم والمحكومين. باعتراف الجميع، الرومانسيات مؤلمة أحيانا ومضطربة، لكن الرومانسية الصلبة تتغلب على كل الخلافات.
وراء صعود أي ثورة وسقوط أي ديكتاتور يكون الخوف والقمع، ولكن أيضا الجهل والبطالة والفقر. في جميع البلدان، دون استثناء، التفاوت بين الأغنياء والفقراء هو عقبة أمام ديمقراطية فعالة. الحكام الفقراء يصبحون فجأة حكام أغنياء. إنهم يثبتون أقدامهم في خلايا العاج ويعملون بجهد لتعزيز سلطاتهم وثرواتهم، متناسين الناخبين الفقراء الذين وضعوهم حيث هم.
    إنها لحظة فرح عندما يرقص المتمردين في تشييع جنازات الطغاة، ولكن سرعان ويصبح الطغاة من قادتهم. انه فخ سقوط الفقراء. ألبرت أينشتاين قال: كل الناس ينبغي أن تُحترم،  ولكن ليس أن تكون محبوبة.
المضايقات مع الشكوك المؤلمة هي التي عملنا عليها دون جدوى، ونحن نتطلع مع حزن كبير لحالة دولتنا. ماذا حدث لمصر في طريقها إلى الديمقراطية؟ هل حصلنا عليها، هل خسرناها أو لن نحصل عليها أبدا؟ جودة أي حكومة تعتمد على نوعية المشاركة، ارتفاع مستوى محو الأمية والتعليم، وارتفاع مستوى الديمقراطية.
    اذهب وافهم! تخلص من الفقر، الجهل، الجوع، ثم ابحث عن الديمقراطية. الإنسان الفقير في اغلب الأحيان يُداس حتى في ظل الديمقراطية.
علينا أن نتناول لب الثورات التي بدأت تتراجع إلى الوراء لمرة واحدة. لقد بدأنا الصعود الذي بلغ إلى السحاب. قد يكون من الصعب تسلق سلم مرتفع، لكن يجب علينا أن نواصل حتى نصل إلى أعلى، حتى نصل إلى الديمقراطية.

    لم يحدث أبدا في تاريخ العالم أن دولة فقدت ديمقراطيتها من خلال نضالها للدفاع عن ديمقراطيتها... فرانكلين روزفلت

رابط المقال الاصلي بلغته
http://weekly.ahram.org.eg/News/1523/44/Democracy-%E2%80%94lost-or-won-.aspx


Comments