وعادت الأيام الثورية وعاد معها رجاء قيامة
الثورة من جديد في مصر. انتفاضة أخرى من انتفاضات المصريين التي تـُحدث العالم عن
قوة وقدرة هذا الشعب صاحب أقدم الحضارات، ومدى فطنته التي تزداد يوم بعد يوم في
رفض عبودية الأنظمة المستبدة المتوالية دون رحمة عليه. أقولها بكل يقين ثورتنا
مستمرة، ثورة تدب في قلب كل مصر أمل النجاة من براثن قوى ظلامية تناهض النور
والحرية وكرامة الإنسان.
وفي ظل هذه الأيام
الثورية المتتالية والتي تلألأ ضياءها مع ذكرى ثورة 25 يناير لتتجدد مثل النسر
شبابها بدماء اطهر شباب في مصر، وتتوالى الأحداث في بورسعيد بعد صدور الحكم
السياسي بإعدام 21 متهم في مذبحة إستاد بورسعيد ليكشف الستار عن إحدى مؤامرات
الطرف الثالث المعلوم في تهديد الأمن العام وإرعاب المصريين بانهيار الدولة، وكأن
كتب علينا ندفع من الدم واللحم والنفس أيضا ثمنا لما هو هبات مجانية خلقنا عليها
جميعا. وكعادة نظام مصر المستبد والذي لم يتغير بل زاده صبغة دينية لا أكثر نقع
تحت طائلة سياسته الغوغائية التي لا تعبر إلا على سوء إدارة شديد وكأنه يدير مكتب
سمسار وليس دولة بحجم مصر.
وكالعادة،
واعذروني لأنني اكرر هذه الكلمة كثيراً، فكأن لا أحد يتعلم شيء وكأن التاريخ يُعيد
نفسه، ولكن لا نظلم التاريخ فهو سجل لأفعالنا ولا لوّم عليه. إنما غباء النظام هو
مَن يُعيد نفسه ليُكرر كل شيء من جديد كأنه شريط سينمائي، والأكثر سوءا من إعادته
هو ظنه بأن الشعب مستمتع بتكرار مشاهدته. أظن لذلك البعض أطلق على ثورة مصر،
الثورة المستمتعة، فها نحن لا نكف عن طرح الصور والكوميكس والتعليقات الفكاهية عن
غباء وكذب هذا النظام الذي لا يختلف عن سابقه في محاولة خداع الشعب واعتباره شعب
لا يعي شيئا ويسهل خداعه.

إذا كانت
مجموعة شباب البلاك بلوك تهدد الأمن العام فنحن لن نقف معها، ولكن قبل أن تشغلوا
الرأي العام بهم ظنا منكم أنكم تحبطون ثورتنا من جديد ابحثوا عن التهديد الحقيقي لأمن
مصر. أوقفوا التهديد الحقيقي للقضاء ولمؤسسات الدولة ومنها إيقافك أنت شخصيا وإيقاف
الإعلان الديكتاتوري كاملا الذي بموجبه سيادتك في هذا المنصب. ولكن لا عليك سيدي
النائب العام فكل هذا لم يعد من أولويات ثورتنا الآن، فالنظام كاملا سقط مع سقوط
ضحايا الاتحادية في ديسمبر 2012 وتأكد سقوطه مع دماء بورسعيد في يناير 2013 التي
انقلبت لبورحزين يأبى أن يعيش تحت مظلة نظام فقد شرعيته بقتل أبناء مصر الشرفاء.
البلاك بلوك أو
الوايت بلوك أو أي مجموعة جديدة غامضة الهوية لا تعنينا بقدر ما يعنينا الوطن،
بقدر ما تهمنا الثورة ومبادئها عيش، حرية، كرامة إنسانية. لا يشغلنا كثيرا غموض
البلاك بلوك، ربما هم شباب يُحب مصر على طريقته الخاصة، ربما تكون إحدى الأعيب
النظام، أو جماعته المحظورة لفتنة جديدة، ربما تكون لا شيء يذكر على الإطلاق حين
يسقطون أقنعتهم السوداء. الأهم هو الثورة التي تحمل آمال وآلام هذا الشعب الصابر
الذي تحمل الكثير وكسر حاجز الخوف، وله حُلم في هذا الوطن.
![]() | ||
المقال على جريدة البداية: http://albedaiah.com/node/17962 |
Comments