أساقفة الكنيسة الأرثوذكسية و هاوية التكفير


بقلم / رشا أرنست

في ظل أزمة تعديل الدستور التي تجتاح مصر بكل أقطارها ، نرى بعض المنزلقين إلى التيار الديني و صراعاته . و بجانب معارضات و مظاهرات الإخوان المسلمين بمصر و كل أخبارهم اليومية ، نرى حملة الصحافة المكثفة و المهتمة بأخبار المسيحيين و طوائفها . بداية بتكفير جورج حبيب بباوي للبابا شنودة الثالث ، مروراً بفتاوى البابا شنودة التي نُشرت الخاصة بالتبرع بالدم . فعدوى الفتاوي تسري في مصر هذه الأيام أضعاف فتاوى السنوات العشر الماضية سواء عند الشيوخ أو عند أساقفة الكنيسة و خاصة الكنيسة الأرثوذكسية . أما هذه الأيام فالموضوع الشائك و الذي يتصدر صفحات المجلات و بعض الجرائد هو خبر حرب التكفير الذي يشنها الأنبا بيشوي أسقف دمياط بالكنيسة الأرثوذكسية و سكرتير المجمع المقدس .
بدأت الحملة التكفيرية من قبل الأنبا بيشوي الذي من المفترض انه مسئول بالكنيسة كأسقف يرعى شعب ايبراشية بأكملها و أفكار أجيال ، رسالته معهم أن يزرع بقلوبهم و ضمائرهم الإيمان و المحبة . فاجأ الحاضرين مؤتمر تثبيت العقيدة للشباب الأرثوذكس الذي عُقد الأسبوع قبل الماضي بدير الأنبا إبرام بالفيوم . بإلقاء كلمته الزاخرة بتكفير مَن هم غير أرثوذكس من المسيحيين الكاثوليك و البروتستانت ، و ادعى أنهم لن يدخلوا ملكوت السموات ، و لم يكتفي عند حد الكاثوليك و البروتستانت إنما وصل تكفيره إلى حد تكفير الأموات و منهم الأب متى المسكين ، الذي لم ترحمه الكنيسة الأرثوذكسية و هو على قيد الحياة و لم يرحمه الأنبا بيشوي و هو بين يدي الله . و طبعت كلمته و وزعت على سي دي و في غضون أيام قليلة وصلت إلى كل من يخصهم و لا يخصهم الأمر . و انفردت مجلة أخر ساعة بنشر هذا الخبر بالتفصيل بعدة أعداد خلال الأسابيع الماضية ، ثم اهتمت جريدة المصري اليوم بمتابعة هذا الخبر و ردود أفعال كلاً من الكنيستين الكاثوليكية و البروتستانتينية . و غيرهم من المجلات و الجرائد التي وجدت كلمة الأنبا بيشوي مادة دسمة لأخبار تهم المصريين اليوم . فقد أصبح الكلام في الدين سمة أهل مصر . فإن أردت أن تُلهي شعب عن شيء ما اقذف به جملة تمس إيمانه ، فستجده تحت طوعك و إن كنت أنت القاذف .
لم يكن رد الكنيستين الكاثوليكية و البروتستانتينية إلا بشكل ينبئ عن عقلانية و تفهم لوضع البلد الحالي و وضع الكنيسة أيضاً و إلا لكانت اشتعلت حرب باردة بين الثلاث كنائس . فالرد جاء شديد الحرص للوضع الراهن على كل مستوياته .
فأكد الأنبا يوحنا قلتة عن الكنيسة الكاثوليكية في رده ، أن كلام بيشوي لا يستحق التعليق ، موضحاً أن للحوار أهله وموضعه وليس كل شخص يستحق الرد عليه .
كما دعا القس رفعت فكري راعي الكنيسة الإنجيلية الأنبا بيشوي إلي مراجعة كل أفكاره وتدقيق كل كلمة يقولها ، بدلاً من هذا التعصب الأعمى. و طالب عدد من الآباء والقساوسة الكاثوليك والبروتستانت البابا شنودة الثالث ، بتوضيح ما إذا كان كلام بيشوي يعبر عن الكنيسة الأرثوذكسية ، أم أنه رأي شخصي ، داعين البابا إلي اتخاذ موقف حازم ضد الهجوم والتجريح الذي تتعرض له الطوائف المسيحية غير الأرثوذكسية. و بالفعل كعادته اتخذ البابا شنودة رداً و كان في منتهى الدبلوماسية كعادته أيضاً و أنكر كل ما جاء على لسان الأنبا بيشوي مدعياً أن لا أصل له من الصحة .
أتذكر أن الكنيسة الكاثوليكية في مطلع هذا العام حددت أسبوع للصلاة من اجل وحدة المسيحيين في العالم في 18 – 25 يناير 2007 م . و أتذكر أيضاً أنني كتبت مقال بهذا الشأن و نشر بموقع "
www.abouna.org " بعنوان وحدة الكنيسة ليست مستحيلة لكنها مُتطلبة " , الآن علمت أنها ليست فقط متطلبة لأشياء كثيرة مثلما ذكرت و لكن هي بحاجة للصلاة من اجل الصلاة لوحدة المسيحيين . ففي أسبوع الصلاة من اجل الوحدة كتب كهنة و علمانيون كثيرون في هذا الشأن ، أتذكر أن كل مَن قرأت لهم كانوا كاثوليك ، هذا ليس لأنني لا اقرأ لغير الكاثوليك و لكن لأن فكرة الصلاة نبعت من الكنيسة الكاثوليكية و بالفعل صدق قول أن مَن يسعى لعمل شيء هو الأكثر إيماناً به . فبعد اقل من شهرين للصلاة من اجل الوحدة نجد على الجانب الآخر من يسعى لتعليم أبنائه كيف يكرهون و كيف يكفرون الآخرون . استعجب منا نحن البشر ، أصبحنا نفعل كل شيء و نخترع كل شيء . و لا يصعب على عقلنا أي شيء . حتى إننا أخذنا دور الله الخالق . فأخذنا نـُكفر هذا و نؤله هذا دون احترام لقدسية كلام الله الذي أعطى الكل الإيمان مجاني . لم نكتفي بدورنا كبشر مسئولين ، نملك عقل و إرادة و عاطفة ، لم نكتفي أننا نتجاوز بعضنا البعض و لا نحترم بعضنا و إنما تجاوزنا عن إلهنا الذي وهبنا هذا الإيمان و هذه الساعة التي نُهين و نكفر فيها بعضنا .

فكرتُ كثيراً فيما يكون الرد على الأنبا بيشوي ؟ و لكني لم أجد رداً بداخلي . فمثل هذا الشخص يثير في نفسي الشفقة عليه . لأنه حتى الآن و رغم كل دراساته اللاهوتية و ثقافته الدينية و مناصبه الرسمية لم يعلم كم أن الله محب و رحيم . يَقبل الجميع دون تفرقة ، يكفيهم إيمانهم به حتى لو لم يكونوا مثل ما يظن الأنبا الفاضل . أشفق عليه من نفسه التي جعلت منه فريسة لأفكاره غير إيمانية . و من لديه الفرصة لدخول ملكوت السموات بجانب الإيمان بالله لابد أن يكون إنسان عرف كيف يعيش مع أخيه على هذه الأرض ، عرف كيف يقبله و يساعده لا أن يكفره و يحرمه من الله الذي هو للجميع . فالله خلقنا مختلفين ليعرف كل منّا قيمة الاختلاف و قيمة الآخر بحياته .
رغم كل ما يحدث و يُنشر إلا أنني أرى جانب ايجابياً في تلك الزوبعة ، أرى مدى صمود الكنيسة في وجه كل هذه التيارات و الأفكار المشينة التي تُحاول هدمها و إن كان بعضها من داخل الكنيسة ذاتها . و لكن تظل هي الأقوى على مر كل العصور و كما قال يسوع المسيح
و أبواب الجحيم لن تقوى عليها
إضافة
لسماع كلام الانبا بيشوي اسقف دمياط و سكرتير المجمع المقدس الارثوذكسي
اضغط اولا على هذا الرابط او انقله على صفحة ويب
http://rs136.rapidshare.com/files/24412415/Anba_BISHOI.mp3
ثم اختر كلمة free اخر الصفحة
ثم انتظر حتى تظهر لك اختيارات التحميل و اختار Download via Teleglobe ثم اكتب الكلمة الظاهرة في المربع المخصص لها و اضغط بعدها لبتحميل الملف على جهازك لسماعه

و لتحميل و قراءة رسالة جورج حبيب بباوي للبابا شنوده افتح هذا الرابط و كرر الخطوات السابقة
http://rapidshare.com/files/31155550/Open_Message_to_the_Pope_pics.doc

Comments

love said…
أختى رشا الحبيبه
لكم يؤلمنى أن أناديك أو أخاطبك وما أحمله فى بطاقة التعريف الخاصه بى لينبىء عن ألإختلاف البي4ن444444 والبون الشاسع الذى يفصل بينى وبينك فى توصيف الدين!ا
أنت مسيحيه ويقلقك ما قاله ألأب الذى وصل تفكيره إلى تكفير أو عدم إستحقاق من هو غير أرثوذكسى لجنة الرب أو التمتع برضائه،هكذا هداه تفكيره الذى قد يكون له دفوعه وأسانيده،وقد يحتمل الخطأ قبل الصواب...ا
ما رأيك فى قوم يشهرون نفس السلاح فى وجه من لايؤمن بعقيدتهم التى قد لاأوافق على جزء منها أو أكفر بكلها وجميع أجزائها؟؟
يعتقد أصحاب ديانة ما أن دينهم يقع فى مرتبة علوية قد جاء ليجب كل ألأديان السابقة عليه،وأن من لا يؤمن بتعاليمه فقد حقت عليه اللعنه مما يستوجب الجهاد الذى سيظل فى أعرافهم قائما حتى قيام الساعه طالما كان هناك فرد لايؤمن بما يؤمنون؟؟؟
أختى وحبيبتى
نحن ضحايا من إستحوذ على منصب النائب ألأول للإله فى ألأرض فبتعاليمه ألأرضيه نجرم وبفتاواه الشرعيه نؤثم وهذه هى سمة الشرق الذى لن يصل إلى تناغم أو توافق مع من إستطاعوا القفز فوق ألأشواك وفصلوا الحياه عن الدين فحق عليهم ألإطمئنان والسلام مجتمعين.
لاترهقى فكرك أو تسهدى ذهنك فنحن قد كتب علينا الحراك الذى لن ينتهى وسنظل ندور فى تلك الحلقة المفرغه إلى أبد ألآبدين مادام هناك من يفكر بفكر على شاكلة ماذكرتى وما ذكرت أيضا لك من أمثلة ...أrgaa_nourhan@yahoo.com
love said…
أغلقت المدونه بعد أن كتبت كلمات كانت تتحشرج فى صدرى تريد أن ترى النور أنا ألآن فى غاية السعاده
شىء ما جعلنى أفتح المدونه ثانية لأتحقق من هاجس مر بى أو فكر طاف بمخيلتى:هل رشا ذات عيون جاحظه يتمتع بها أصحاب ديانة ما لتؤلف بين أشكالهم وليكونوا مميزين عما عداهم من البشر؟؟هكذا قالوا لنا ونحن صغار بل قالوا ليستطيع الرب أن يتعرف عليهم بسهولة ويسر!ا
ثم لمحت وجهها الوردى لأتحقق مما أيضا نثروه فى أذهاننا من أن أم رشا أو خالتها أو قريباتها أو من ينتمى لدينها أنهم يخطفون أو يطاردون أو يسرقون سميها ماشئتى فالنتيجه واحده وهى صنع فطير أعيادهم بدماء من هم على غير دينهم أو يختلفون فى عقيدتهم؟؟؟
يارب لاتجعل من هؤلاء الذين صبوا فى آذاننا هراءآ أو ثغاءآ لاتجعلهم يعيشون بيننا أو يتقلدون أمورنا أو يفرقوا بينى وبينها أو بينى وبين من يعتقدون مثل ماتعتقد من أن الرب موجود وأنه رب الضعفاء وأنه رب المساكين...رشا الرب يباركك هى خير ختام أهديه إليك